شاعرة

شاعرة

الخميس، 29 ديسمبر 2016

ليلة راس السنه *** بقلم Eng Mahmoud Mansour


  • *ليلة رأس السنة*
  •  كنت مولعا بالتاريخ وبألغازه وخباياه .كنت أري أن هناك شخصيات أعطاها التاريخ أكثر من حقها وأبهرت العالم وصار جل البشر حول العالم يتخذون من سيرتهم وأقوالهم منهاجا لحياتهم 
  •  كنت طالبا بكلية الآداب بالجامعة المصرية ولأنني أعشق التاريخ كما أسلفت فأخترت قسم التاريخ .لعشقي اياه منذ صغري .وكنت على يقين بأنني سأجد من أساتذتي جوابا لأسئلة جمة كانت تراودني مذ كنت صغيرا .
  •  دلفت من باب الجامعة ذات يوم فراعني زحام شديد من الطلبة والطالبات عند مسرح الجامعة.رغم أني متابع جيد لأعمال فريق التمثيل بالجامعة إلا أنني نسيت أو تناسيت ما هي المسرحية التي ستقدم في هذا اليوم .وجدتني أرنو إلى الإعلان وقد كتب عليه(رائعة الأديب الفرنسي موليير البخيل مقدمة لكم من فريق التمثيل بجامعة فؤاد الأول وقد سطر تحتها اسماء فريق العمل من معدين وممثلين بطريقة رأسية منسقة بخط زخرفي جميل.
  •  اصطففنا في كراسينا ايذانا برفع الستار وبدأ العرض،ثم عزفت الموسيقى ايذانا برفع الستار.ثم رفع الستار.
  • بدأ عرض المسرحية وعندما دخل الممثل الذي يجسد شخصية البطل(Monsieur.Harpagonn) واطل علينا بنظارته الصغيرة واضعا اياه على طرف أنفه رامقا من حواليه بنظراته الخبيثة .ارتسمت أمامي صورة أخرى لشخصية أخرى كان قد أداها هذا الزميل ببراعة وهي شخصية شيلوك المرابي اليهودي في مسرحية تاجر البندقية لشكسبير .وجدتني فجأة أبتسم .
  •  قال لي أحد زملائي ذات يوم ونحن خارجين من الجامعة :شفت فيلم الافوكاتو مديحة ؟! .قلت له:أيوه بتسأل ليه؟!
  • قال لي: أصل بكرة هقابل الأفوكاتو بورشيا.
  • بادرته بالضحك قائلا:وياترى انت مين أنطونيو ولا شيلوك؟!
  •  وجدته يرد وهو يتمالك نفسه من الضحك قائلا:شيلوك فلم نلبث أن أغرقنا في الضحك سويا. ثم قلت له: أنا هحضر العرض بكرة .نهارك سعيد
  •  حضرت المسرحية في اليوم التالي وبعد انتهاء العرض لم يعد في ذاكرتي إلا جملتين على لسان شيلوك (رطل من لحمك أنطونيو)و(لقد نزل الملاك دانيال إلى ساحة المحكمة). 
  •  عندما عدت إلى منزلي محاطا بأسئلة جمة برأسي .دلفت بسرعة إلى حجرتي وأمسكت بكتاب عن تاريخ أوروبا في القرون الوسطى وأخذت أتصفح فيه بتأن شديد .أحسست بأني سأجد ضالتي بهذا الكتاب.وفجأة ارتسمت على محياي ابتسامة ظفر وقرعت المكتب بقبضتي قائلا :هو ده .عصر النهضة !.
  •  شاهدت قبل عام بسينما راديو فيلم ليوسف بك وهبي بعنوان(كرسي الاعتراف) كان يجسد شخصية الكاردينال(جيوفاني دي ميدتشي) سليل الميدتشي فلورنزو العظيم من أسس أسرة الميدتشي في فلورنسا . 
  •  فلورنسا فلورنسا أجل مدينة الفن والابداع .تبادر إلى ذهني في حينها (الموناليزا)لوحة ليوناردو دافنشي الشهيرة التي أهداها إلى ملك فرنسا. أتراني أعود إلى فرنسا ثانية أعيد الكرة من حيث بدأت تتراءي أمامي أكاليل الغار وهتافات تنادي قائلة Charles VIII احتفاء به لاجتياحه فلورنسا لأعود على أدراجي ثانية إليها في غمار جيشه .تتعثر الأفكار في رأسي كما تتعثر حوافر الخيل في عثرات جبال الألب سالكة طريقها إلى شبه الجزيرة الإيطالية.
  • بالأمس البعيد كان يقال .كل الطرق تؤدي إلى روما. 
  •  اعتورتني أفكار جمة كما إعتورت خناجر الأصدقاء يوليوس قيصر كما يصف شكسبير ليقل قولته الخالدة .حتى أنت يابروتس!
  • من هنا بدأت نظرية المؤامرة(Theory of Conspiracy).
  •  ربط شكسبير بهذه النظرية بين مسرحيتي مكبث ويوليوس قيصر .فكما إعتورت خناجر الأصدقاء يوليوس قيصر ،إعتورت خناجر المتآمرين من إستأجرهم مكبث للوصول إلى غايته .وإن كانت الغاية تبرر الوسيلة كما أورد ميكيافيلي حتى وإن كانت الوسيلة هي القتل والسير في طريق معبد بدماء الأصدقاء .كانت خدعة من ساحرات ثلاث عندما قلن قبل أن يقابلن مكبث .هانحن ذا نلتقي ثانية.إذا فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا إذا كان هذا هو لقاءهن الثاني فمتى كان اللقاء الأول؟
  •  فتش عن المرأة؟ وجدتني أسأل نفسي هذا السؤال ثم أجبت عنه بسؤال أعجب . هل للنساء براثن خفية؟ هل يتمثل العنقاء في صورة العصفور أم يتمثل الغول في صورة الارنب؟
  • هل تخفي ملامح الرقة البراءة خلفها وحشا كاسرا ومخيفا؟
  •  أتذكر سؤالا سألته لاستاذي في الكلية -عندما كان يشرح لنا تاريخ دولة البطالمة في مصر وعندما شرع يشرح لنا في حقبة الملكة كليوباترا- سألته قائلا : لقد وصف أحمد شوقي كليوباترا بصفة الوطنية في مسرحيته مصرع كليوباترا بينما وصفها شكسبير بالمرأة اللعوب في مسرحيته أنطونيو وكليوباترا فكيف ذلك مع أنها نفس الشخصية؟ هل لان شكسبير استمد احداث مسرحيته من كتابات المؤرخ بلوتارخوس وأن شوقي اعتبرها رمزا مصريا فأبى الاساءة اليها؟
  • بادرني أستاذي بابتسامة ثم قال لي: أنت قاريء ممتاز واجابة سؤالك موجودة في ذهنك .
  • تعجبت من رده هذا وعندما عدت الى المنزل صرت أتسائل ماذا كان يعني بهذا ؟
  •  وجدتني أسرد في ذهني نساء كثيرات أثرن الجدل على مدار التاريخ مثل شجرة الدر وايزابيلا وكاثرين وماري انطوانيت وغيرهن من الكثيرات ممن كن يرتدين أقنعة الحملان على وجوه الذئاب .
  • تراني قد عدت ثانيا الى نظرية المؤامرة ويكأني أمسكت بطرف خيط قد يدلني على ما اريد وأبتغي.
  • *2*
  • (كذب المنجمون ولو صدفوا)
  • قالت احدى العرافات لطفلة صغيرة حسناء تدعى (جان أنطوانيت بواسون):
  •  أمامك طريق معبد بالورود وسيكون السعد حليفك وسوف ترتقين إلى ذرى المجد ...ثم تصمت هنيهة وترنو ببصرها إلى المجهول وتعود قائلة:
  •  ستصبحين ملكة لا بل أكثر من ملكة . وسوف يخضع لك العرش دون أن تجلسي عليه .ولكنك لن تضعي تاجا فوق جبينك . ولكنك ستقفزين فوق التيجان والعروش . سيكون سلطانك مستمدا من جمالك فحافظي على هذا الجمال.
  •  تمضي الأيام وتتحقق نبؤة العرافة وتكبر هذه الطفلة ويكبر معها جمالها وفتنتها لتستحوذ بهما على قلب وعقل ملك فرنسا (لويس الخامس عشر) وتصير خليلته لتصبح فيما بعد (مدام دي بمبادور) ذات الوجه المليء بالرقة والوداعة . بيد أنها كانت على النقيض من ذلك كانت فاترة المشاعر متجمدة الأحاسيس والعواطف متعطشة إلى المال والسلطة حتى صيرت الملك وجعلته طوع بنانها فصارت مستشارته السياسية الأولى .
  • أضحت (مدام دي بمبادور) ملكة بلا تاج أو عرش . 
  •  لازلنا في فرنسا ولكن مع فاتنة أخرى من فاتنات فرنسا ألا وهي (مدام ريكامييه) التي استغلت شراك حسنها وفتنتها في تأليب الساسة في فرنسا على نابليون ورجال الثورة الفرنسية وكادت أن تتزعم حركة مناهضة لنابليون ورجال الثورة الفرنسية لولا أن فطن نابليون لهذه المؤامرة في اللحظات الأخيرة فأمر بنفيها خارج البلاد .
  • كان نابليون لا يزال حينها مكبل الفؤاد بغرام فاتنة أخرى من فاتنات فرنسا (جوزفين) . 
  •  صارت تتقاذف نابليون وقتها عواصف هوجاء ما بين العشق والسلطة . خشي ساعتها أن يظن أتباعه ومناصروه أن قائدهم العظيم قد أوقع به في حبائل امرأة فاتنة كما حدث مع أسلافه .فأخذ يصيح على الملأ قائلا:إن الحب لعبة الكسالى ومصيدة الحكام ومفسدة الشعوب . وأن الأمة التي ينشغل رجالها بأمورهم العاطفية هالكة لا محالة . 
  •  رغم ذلك كله كان نابليون يردد حتى أخر يوم من حياته قائلا : ما أحببت في حياتي إلا إمرأة واحدة هي جوزفين.
  • أسقط الأن بيدي أول خيط من خيوط اللعبة والبقية تأتي.
  •  عندما تشاهد عملا فنيا سواء أكان فيلما أو مسرحية وتجد أداء خياليا من الممثلين وحبكة درامية رائعة تفوق الوصف في الرواية فإنك تشيد بذلك الأداء الرائع وتلك الرواية الممتعة. هذا غالبا ما يحدث لنا جميعا حيث ننسى أو نتناسى العامل الأساسي القابع خلف الكواليس الذي بدونه لا يصبح لهذا العمل أدنى قيمة ألا وهو المخرج وطاقمه . من ثم نجد جملة مشهورة في هذا الموضوع تحديدا ألا وهي (المخرج عايز كده) عندما ينتقد أحد المشاهدين لمشهد في مسرحية أو لقطة في فيلم . إذا فلكل مخرج مسلكه وطريقته في الإبداع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق