شاعرة

شاعرة

الثلاثاء، 30 يناير 2018

افضل محاورة بين ابن وابيه .....احمد شديفات

بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور(يَا أَبَتِ)
"أفضل محاورة بين ابن وأبيه"
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/الأردن
طرح القرآن الكريم بأسلوبه الحكيم أدب مخاطبة الأبناء الأباء وهي من أهم الروابط الأسرية، لنشرع في قراءة القرآن لكي نتعلم أدب من أبي الأنبياء ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة السلام مع أبيه آزر، في كلمات هي الأرقى والأجمل ودليل حرص المسلم على محبة الابن لأبيه ودعوته وتفانيه في هدايته لترك طريق الضلالة ،هذه اللطائف القرآنية النادرة موجودة في آيات القرآن ولك في كل حرف أجر والقرآن أنزل للتطبيق فيكون لك ثواب عند الله عظيم، لنبدأ بما بدأ به نبي الله في سورة مريم من حوار هادف للتعليم،،، (إِذْ قَالَ:- لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ)استعطاف واستلطاف مما يدلل على علو مكانة ومنزلة واحترام الابن لأبيه، في لين ورقة وحنين ليُشعر الأبن الأب اهتمامه الزائد به، ويوقظ أحاسيسه ومشاعره (يَا أَبَتِ):- (لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ* وَلَا يُبْصِرُ *وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا)يستغرب ويستهجن ابراهيم، من معبود أبيه هذا فهو لا قيمة له في نظر ابراهيم، لماذا لأنه لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر ولا يغني عنك شيئا،عبادته استخفاف بالعقول أن تنزل إلى هذا المستوى ،أنت يا أبت عقلك أعلى وأرقى من هذه الأصنام فهي ليست أهلا للعبادة ثم يعيد ابراهيم المحاورة مرات عديدة دون ضجر أو تبرم (يا أَبَتِ):-(إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ* فَاتَّبِعْنِي* أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا)استهلال جميل وعرض حال جليل لرسالة رب العالمين القائمة على العلم لا على الجهل وعبادة الأوثان والشرك بالله بيان وطرح مبسط يدركه العاقل، يا أبت (فَاتَّبِعْنِي:- أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا) أنا دليل خير لك بالذات، فأنت أبي وأحب لك الهداية وأكره لك الضلالة وأسير بك إلى الله، طاوعني وأترك عنك عبادة الأصنام ،وسوف(أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا) لا اعوجاج فيه وَلَآ أَمْتًا تعلموا يامن تحملون رسالة الإسلام جميل الكلام والخطاب، وأن لك مهمة أيها الإنسان هي محاربة الشيطان والدعوة إلى الرحمن يا أبت :- (لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ*إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا)كلام وبيان عداوة الشيطان للإنسان وعصيانه للرحمن، إذن هو عدوك اللدود فأول شرط من شروط الإتباع التخلي عن الشيطان نهائيا، والسبب في ذلك أؤكد لك(إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا)فمن كان العصيان صفته ،فالضلالة عنوانه فهو ضال ومضل ومن أعتى العصاة المعروفين ( يَا أَبَتِ):- (إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا)مازال الاستعطاف قائم والحذر والتوجس والخوف والحرص الشديد من ابراهيم أن يقع والده في اغراءات الشيطان وهذا أحساس ابراهيم وهو مقام الخوف والحرص منه على أبيه (فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا)أن حصل ذلك منك فقد انتهت ولاية ورعاية الله لك، وتكون من أولياء الشيطان وهذا منتهى الخسران،هذه المحاورة جاءت ما بين أبراهيم نبي الله وأبيه آزر لكي تعطي درسا للأبناء في حسن محاورة الأباء بعد هذا كله نسمع جواب الأب لأبنه الهادي(قَالَ :- أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ)سؤال عنيف يحمل في طياته الإعراض والاستهجان ونبرة التهديد والوعيد يعني سؤال من الأخير موجه من آزر إلى ابراهيم فيه استكبار واصرار على الكفر: أمعرض أنت عن عبادة آلهتي يا إبراهيم؟ لم يقل له يا أبني كقول إبراهيم له يا أبتِ،ثم تابع عناده وتهديده ووعيده قائلا لإبراهيم"لَئِن لَّمْ تَنتَهِ"عن تبليغ هذه الدعوة فمصيرك الرجم واختيار الرجم بالذات كونه مؤلم ألما شديدا،فهو ينال الجسد كله من الرأس إلى أخمص القدم "لَأَرْجُمَنَّكَ"أي قلب هذا ابنك يشفق عليه رحمة بك أيها الأب وأنت تتوعده بالرجم،الله أكبر على الكفر والعصيان لم يبقي في القلب للرحمة ولا للهداية مكان،أغلق القلب والعقل معا ثم عقبى بطرد لا مثيل له ولم يسبقه اليه إنسان بكل عنفوان ونبرة قوية خلت من العطف والحنان أنا لا أحب أن اراك بعد هذا اليوم وكأنه يقصد قطع صلة الأبوة"وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا" فعلا درس لكل مسلم مع هؤلاء الجفاة العتاة لا ينتهي إلى يوم الدين فصل النهاية وجفاء الأب وقد أيقن إبراهيم أنه لا فائدة ترتجى منه، ومع هذا لم يقطع الأمل وبقى في قلبه العطف والشفقة والأدب مع الأب قائما رغم هذا الأعراض،الله الله عليك يا ابراهيم فعلا أنك أمة في اللطف والحنان،(قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ) كل ما حصل معك يا ابراهيم كان ردك جميل على أبيك السلام عليكم دون امتعاض،قد يكون سلام مفارقة ومباعدة بناء على طلبك أيها الأب،فقد قام أبراهيم بواجب الدعوة إلى الله ،وهذا شأنك يا أبت وأترك الأمر والاختيار اليك، والأجمل من ذلك مما يدل على علوأخلاق ابراهيم وصبره وتحمله مع هذا كله قال(سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي)لعل الله يهديك الصراط السوي وسأبقى أطلب لك المغفرة من الله اللّطيف الذي يحتفي بعباده ، ويقوم في حاجتهم ويبرُّهم خاصة(إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق